في إطار محاربة الجريمة المنظمة والفساد، أقدمت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالرباط على إحالة شبكة إجرامية كبيرة تضم 16 شخصًا على قاضية التحقيق المكلفة بجرائم الأموال، وذلك بعد استنطاقهم تفصيليًا بشأن التهم الموجهة إليهم. هذه الشبكة التي كانت تضم في البداية 17 شخصًا، قبل أن يُحفظ الملف في حق أحدهم، تم اتهام أعضائها بتكوين عصابة إجرامية متخصصة في تزوير أختام الدولة، تهريب السيارات الفاخرة، تبديد أموال عمومية، بالإضافة إلى التزوير واستعماله.
وتسعى النيابة العامة إلى التحقيق في جميع خيوط هذه القضية التي تشمل تهمًا خطيرة تمس أمن الدولة واقتصادها، حيث تم تورط عدد من الموظفين في الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية “نارسا” في عمليات التزوير التي تمت على مستوى وثائق السيارات، وهو ما يعكس حجم الفساد الذي قد يكون مستشريًا في بعض المؤسسات الحكومية.
التحقيقات بدأت بتقديم شكاية من موظف يعمل في مركز لتسجيل السيارات، حيث كشف عن وجود اختلالات وتجاوزات خطيرة داخل هذا القطاع. ووفقًا لهذه الشكاية، كانت عمليات التزوير تتم بهدف تهريب سيارات فاخرة، تم شراءها من دول أوروبية، ثم تهريبها إلى المغرب وبيعها لأفراد ورجال أعمال ومقاولين. وكانت الطريقة التي يتم بها بيع هذه السيارات تقوم على التدليس في استخراج بطائق رمادية بطريقة غير قانونية، من خلال تزوير وثائق السيارات الأصلية وتغيير أرقام هياكلها، ما يتيح لها الحصول على أوراق قانونية تمكنها من المرور بسهولة عبر المراقبات الرسمية.
وأفادت المصادر أن عناصر الشبكة الإجرامية الذين تم القبض عليهم كانوا موزعين على مدن مغربية مختلفة، مثل تطوان، مارتيل، طنجة، وفاس. من بين هؤلاء الأفراد، كان هناك خمسة مسؤولين في الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية في تطوان، بالإضافة إلى رئيس مصلحة في مدينة مرتيل، الذين تورطوا في عمليات تزوير واسعة.
يعد تهريب السيارات الفاخرة من أكبر وأخطر الأنشطة غير القانونية التي تنتشر في بعض الأوساط التجارية، حيث يتم بيع السيارات ذات القيمة العالية بأسعار أقل بكثير من أسعارها الحقيقية في الأسواق الرسمية. يتم ذلك عبر عدة طرق تشمل التزوير في وثائق السيارات، استبدال أرقام الهياكل، وتغيير تاريخ الصنع أو الاستيراد، لتبدو السيارة كأنها تم تسجيلها بطريقة قانونية. وقد أظهرت التحقيقات أن هذه الشبكة كانت تنشط في جميع مراحل العملية، من تهريب السيارات من الخارج إلى تزوير الوثائق، وصولًا إلى بيعها في السوق السوداء.
ما يميز هذه القضية هو تورط موظفين حكوميين في العملية، مما يعكس الفساد المستشري في بعض المؤسسات الحكومية التي من المفترض أن تقوم بدور كبير في تنظيم القطاع وضمان سلامة الإجراءات. كان هؤلاء الموظفون يتلاعبون في النظام الإداري لصالح الأفراد المتورطين في عمليات التهريب، مما يجعلهم شركاء في الجريمة.
حاليًا، يواصل قاضي التحقيق في محكمة الاستئناف بالرباط فحص الأدلة والشهادات المتعلقة بالقضية، بينما تم تقديم المشتبه بهم أمام الوكيل العام للملك لاستكمال التحقيقات. يشير الخبراء القانونيون إلى أن القضية قد تكون لها تداعيات كبيرة على مستوى محاربة الفساد، حيث تم الكشف عن شبكة من الموظفين والمسؤولين الحكوميين المتورطين في عمليات تهريب السيارات الفاخرة باستخدام أساليب غير قانونية.
القضية أيضًا تفتح الباب لمراجعة كيفية عمل الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية “نارسا” وبقية المؤسسات الحكومية المعنية بمراقبة وتنظيم قطاع السيارات في المغرب. قد يتطلب الأمر تدابير صارمة لتحسين إجراءات المراقبة، وتعزيز الشفافية، وتقوية الرقابة الداخلية، لمنع تكرار مثل هذه الجرائم في المستقبل.
Leave a Reply